• Disease

    خرف الزهايمر

    هل تخشى الإصابة بخرف الزهايمر؟ هل تعاني من فقدان الذاكرة؟ هل تواجه صعوبات في التركيز؟ لا تخف. كونك تنسى أشياءً فهذا لا يعني أنك تعاني مرض خرف الزهايمر. لكن ماذا يكون خرف الزهايمر هذا؟

    التفسير

    خرف الزهايمر عبارة عن مرض مزمن في الدماغ يبدأ تدريجياً مع أعراضٍ خفيفة. ظهور عرض واحد فقط لا يكفي للحكم بهذا التشخيص. كون الإنسان ينسى أشياء أحياناً، فهذا لا يعني الإصابة بخرف الزهايمر. مع تقدم الإنسان في العمر، فإنه أمر طبيعي تماماً أن تضعف الذاكرة. عند وصولك إلى سن 60 تجد أن تذكر المعلومات أكثر صعوبة مما كان عليه الحال عندما كنت في سن الـ 50، وفي سن الـ 70، يكون الأمر أكثر صعوبة مما كان عليه في الـ 60. وهذا يعني أن الإنسان دائماً تزداد نسبة نسيانه للأشياء بطريقة طبيعية مع تقدمه في السن. ويختلف الأمر من شخص لآخر اختلافاً كبيراً في كمية المعلومات التي ينساها والسرعة التي تتطور بها هذه الحالة. يعتمد هذا الأمر على الجينات الوراثية والحالة الصحية العامة والبيئة التي يعيش فيها الإنسان، وعلى تعليمه الذي تلقاه. أثبتت بعض الأبحاث العلمية أن الأشخاص الذين يتلقون تعليماً عالياً وشهادات جامعية، أو يعملون في وظائف متطورة، هؤلاء الذين نقول عنهم “أمخاخهم تعمل”، تندر إصابتهم بمرض الزهايمر وإن حدث ذلك يكون في فترة عمرية متأخرة عن هؤلاء الذين يعتمدون في أعمالهم على أجسامهم. يوجد بالدماغ الكثير من الموارد التي تستخدمها في تعويض أي قصور يحدث. والدماغ المدربة تدريباً جيداً، تقوم بذلك على نحوٍ أفضل من الدماغ “الكسولة”.

    الأسباب

    ليس هناك مرض واحد فقط الذي يتسبب في الإصابة بالخرف. فهناك أنواع مختلفة من أمراض الخرف مثل الزهايمر والخرف الوعائي ومرض خرف أجسام ليوي. يمكن أن تحدث الإصابة بمتلازمة الخرف أيضاً بسبب أمراض أخرى مثل السكتة الدماغية ومرض باركنسون واستسقاء الرأس وأورام المخ وغيرها. ومهمة طبيب الجهاز العصبي هي اكتشاف إصابة الشخص بالخرف وبنوع هذا الخرف إن وجد. أكثر أنواع أمراض الخرف انتشاراً هو مرض الزهايمر. ويأتي في المرتبة الثانية بين أمراض الخرف، الخرف الوعائي أو حالات المزج بين خرف الزهايمر و الخرف الوعائي.

     

    الأعراض

    لا يعاني المرضى في المراحل المبكرة من خرف الزهايمر فقط من تراجع الذاكرة، ولكن هناك أعراض أخرى تظهر لديهم. يُصاب الناس بالاكتئاب عندما يدركون أن المشاكل الصحية لديهم في تزايد. فهم يشعرون بالتعب والإنهاك، ويحاولون تفادي المهام الذهنية الشاقة. في المراحل المبكرة من الخرف، تتغير تصرفات الناس. فيفقدون اهتمامهم بالأشياء التي كانت مهمة لديهم من قبل، مثل وظائفهم أو هواياتهم. يتفادى المرضى المصابون بالخرف التواصل الاجتماعي ويرغبون في أن يكونوا منعزلين أو مع المقربين منهم مثل أفراد العائلة. ويشعر المحيطون بأن هناك شيء ما خطأ. ويكون في البداية هامشي ولا يستحق الكلام عنه أو القلق بشأنه. وتكون هناك دائماً أعذار توضح أسباب التغيرات الحادثة. ولكن بعد ذلك، عندما تصبح المشاكل أكثر وضوحاً يشعر الناس بعدم الأمان عند الحديث عنها. مرض الزهايمر أمرٌ مشين وتكون مواجهة الحقائق فيه أمر عسير لكلا الجانبين. سواء للشخص المريض أو لأفراد العائلة أو الأصدقاء.

التشخيص

إن إجراء تشخيص واضح للحالة أمر هام سواء لإيقاف ذلك القلق السائد أو لاتخاذ إجراء ما تجاهها. ومع ذلك، في المراحل المبكرة من المرض، قد يكون من الصعب التمييز بين حالات النسيان الطبيعية الخاصة بتقدم السن، وبين المراحل المبكرة من حالات مرض الخرف. توجد اختبارات إدراكية خاصة يمكن لطبيب الجهاز العصبي أن يجريها ليعرف إذا كان التحول الحادث بالذاكرة لا يزال يتناسب مع المرحلة العمرية أم لا. إذا كانت هناك أعراض تحول بقدرٍ يزيد عن “الحد المسموح به” فهناك المزيد من التحريات التي ينبغي القيام بها.

فهناك أمراض أخرى مثل الاكتئاب ومتلازمة الاحتراق النفسي تحدث نتيجة التعرض لكم هائل من الضغوط النفسية، والإرهاق الجسدي، وأمراض بدنية أخرى يجب استبعادها. لكن كيف لنا أن نعرف إذا كان الشخص يعاني من الخرف أم لا؟

أول ما يجب عمله هو الذهاب إلى طبيب الجهاز العصبي والتحدث معه عن المشاكل التي تعاني منها. بمجرد أن يتحدث طبيب الجهاز العصبي مع المريض يتكون لديه انطباعاً أولياً. والطبيب لا يستمع إلى أصحاب المشكلة نفسهم وحسب، ولكن من المهم أيضاً أن ينتبه إلى فترات حدوث المشكلات وتطورها. الطريقة التي يتحدث بها الشخص، وعلامات وجود اضطرابات بالذاكرة أثناء المحادثة، ومؤشرات فقدان القدرة على الكلام، ووجود اضطرابات في التوقيت والاتجاهات المحلية، جميع هذه المشاكل قد تشير إلى المأزق الأولي لبداية الخرف. ويراقب الطبيب أيضاً التصرفات العفوية ليشكل على أساسها رأيه، سواءً كانت متماشية مع الحالة أم لا. إنه لمن المهم أيضاً الاستماع إلى أراء أفراد العائلة أو أي أشخاص قريبين من المريض. فقد تكون لديهم معلومات أكثر عن الحالة يكون المريض نفسه قد نسيها. أو تكون لديهم رؤية مختلفة تجاه التغيرات التي اعترته.

الخطوة التالية هي إجراء اختبارات إدراكية مختلفة. على سبيل المثال، فحص القدرات العقلية المصغر (MMSE) المستخدم في جميع أنحاء العالم، وهو اختبار قياس نفسي الهدف منه اختبار القدرة على تحديد الاتجاهات والقدرة على الحفظ واليقظة والقدرة على الكلام وقوة الذاكرة ووظائف أخرى. توفر لنا هذه الاختبارات العصبية معلومات عن الأنظمة المختلفة في الدماغ، والعصب المحيطي والعضلات. حيث يتم فحص الانعكاس اللاارادى، والقدر على الكلام والمشي وقدرة إحساس الجهاز الحركي، والرؤية والتوازن والأعصاب الجمجمية. من المهم أن نبحث عن وجود أي علامات تشير إلى وجود أي أمراض أخرى بخلاف مرض الخرف، قد تكون هي المتسببة في هذه المشاكل. وقد تم إجراء تحاليل للدم واختبار CSF (السائل المخي الشوكي) الأكثر ندرة. السائل المخي الشوكي (CSF)، هو السائل الذي يغطي الدماغ والشوكة بالكامل. في سائل CSF هذا، يمكن أن نعثر على بيبتيدات دماغية خاصة تشير إلى الإصابة بمرض الزهايمر (بيبتيد Tau وبيبتيد A beta).

تخطيط كهربية الدماغ (EEG) هو فحص لا يسبب أي أضرار، بالمقارنة مع تخطيط كهربية القلب (ECG). فهو يعطينا صورة عامة جيدة عن الوظائف الدماغية العامة. وهناك اختبارات تخطيط كهربي أخرى مثل اختبار الاستجابة المخية المثارة صوتياً (AEP) أو اختبار الاستجابة المخية المثارة حسياً (SEP)، التي يمكن أن تعطينا مزيداً من المعلومات عن آفة بالجهاز العصبي، لاستبعاد مرض آخر. وفحوصات الموجات فوق الصوتية الخاصة بجريان الدم الدماغي، تُعدُ جزءاً من إجراءات التشخيص المتبعة. ويقوم طبيب الجهاز العصبي بإرسال المريض إلى معمل تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي (MRI) أو بالأشعة المقطعية (CT). لا تظهر دلالات محددة على المرض في المراحل الأولى للخرف. وفي المراحل الأكثر تقدماً، يمكننا أن نرى علامات ضمور في أجزاء خاصة بالدماغ (التصلب الحصيني في الباحة الصدغية) إلا السبب الأهم للتصوير في مراحل مبكرة، هو – ونكرر مرة أخرى – لاستبعاد الأمراض الأخرى التي ينبغي علاجها بطرق مختلفة، والتي يمكن الشفاء منها.

العلاج

إن علاج مرض الزهايمر ممكن. فمن خلال الأدوية يمكن إعاقة سرعة تطور المرض، لتحقيق حالة من الاستقرار في الذاكرة وفي القدرة على التركيز وفي المهارات الحياتية الأساسية. في حالات مرض الزهايمر يحدثُ تلفُ للخلايا العصبية ووصلاتها، حيثُ لا يمكن استعادتها. نتيجة لتلف الخلايا العصبية هذا، تقل مادة الموصل العصبي أسيتايل كولين. وهناك نوع خاص من الدواء يسمى “مثبطات الكولينستيراز”، يعمل على تعويض هذا العجز جزئياً. وباستخدامه، تتحسن القدرة على معالجة المعلومات مرة أخرى. هناك مواد أخرى مثل ميمانتين التي تؤثر على التمثيل الغذائي الدماغي بطرقٍ مختلفة، والتي يمكن أن يكون لها أثر أيضاً على استقرار الوظائف الإدراكية. ويجب معالجة الأعراض النفسية المترافقة مثل الاكتئاب واضطرابات النوم، والقلق أو الأرق عن طريق عقاقير طبية أخرى بجانب علاج الخرف.

مقدمو الرعاية

إن التعامل السليم ومن خلال الجهة الصحيحة أمرٌ مهمٌ للغاية بالنسببة للمريض. ومن العوامل الضرورية للغاية توافر الكثير من الصبر والتعاطف، وتوفير محيطٌ هادئ للمريض ووجود معلومات وافية لفهم المرض وسلوك المريض. فمن الصعب والمرهق للغاية أن يعتني أحدنا بشخصٍ ما في مرحلة متقدمة من المرض التي يكون فيها بحاجة للمساعدة في أنشطته اليومية والنظافة الشخصية، وفي التغذية ويحتاج للمراقبة طوال اليوم. ينبغي على أفراد الأسرة الاستفادة من جميع المساعدات وخدمات الخطوط الأمامية التي يستطيعون الحصول عليها، وأن يحضروا ندوات الدعم.

© GNC, German Neuroscience Center Dubai (Neurology, Psychiatry, Psychology, Counseling, Dubai, UAE)

.